ظاهرة المياه الجوفية في زليتن: فرصة لحلول مستدامة
15 أغسطس 2024
في الوقت الذي يعيد فيه تغير المناخ تشكيل بيئتنا، فإن حقيقة أن «التغيير هو الثابت الوحيد» أصبحت أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. أثرت التحديات البيئية الأخيرة التي واجهتها ليبيا - إعصار دانيال في درنة وارتفاع منسوب المياه الجوفية في زليتن وبئر الغنم - بشدة على البنية التحتية والحياة اليومية.
ومع ذلك، في كل تحد تكمن فرص الابتكار والتعلم والنمو. وبينما نجتاز هذه التحولات، فإننا ملتزمون بتحويل التحديات الآنية إلى مسارات للتعافي والتنمية المستدامة على المدى الطويل.
الاستفادة من التكنولوجيا: من البيانات إلى صنع القرار
بصفتي رئيس قسم التجارب وعالم بيانات متحمس في مختبر التسريع التابع للبرنامج الإنمائي في ليبيا، فإنني أعتبر العقبات حافزًا للتقدم. من خلال مبادراتنا، نعمل على زيادة الوعي واعتماد تقنيات وأساليب متقدمة للتعافي. في حالة ارتفاع مستويات المياه الجوفية في زليتن، يمكن أن تكون للتقنيات المتقدمة دورًا حاسمًا في فهم وإدارة مثل هذه الظواهر.
يمكن أن يوفر الاستشعار عن بعد، على سبيل المثال، رؤية شاملة للمناطق المتضررة، ويمكن لخوارزميات التعلم الآلي تحليل كميات هائلة من البيانات (صور الأقمار الصناعية ووسائل التواصل الاجتماعي) للمساعدة في الاستجابة للطوارئ، واكتشاف الرؤى القيمة، والتنبؤ بالتوجهات المستقبلية. من خلال الجمع بين الاستشعار عن بعد وإنترنت الأشياء والتحليلات والنمذجة التنبؤية، يمكننا تطوير تدخلات ذات تأثير أكبر وبشكل استراتيجي، مما يمكننا من توقع الأزمات المحتملة (أنظمة الإنذار المبكر) والتخفيف من حدتها قبل أن تتفاقم.
علاوة على ذلك، فإن استخدام البيانات التي تجمعها مستشعرات إنترنت الأشياء تحت الأرض جنبًا إلى جنب مع النمذجة الرياضية لمحاكاة الطبقات تحت الأرض يمكن أن يساعد مخططي المدن على تصميم بنية تحتية مرنة تعمل مع التغييرات في المشهد الجغرافي وليس ضدها.
لا تعالج هذه الحلول التكنولوجية القائمة على البيانات الاستجابة لحالات الطوارئ فقط، بل تبني أيضًا بدائل طويلة الأجل، وتحول البيانات إلى حلول استباقية ورؤى قابلة للتنفيذ.
قصة زليتن: مورد ثمين
إن إعادة تصور المياه الجوفية في زليتن كمورد قيم وليس كمشكلة هو مفتاح التنمية المستدامة، من خلال إشراك المجتمعات المحلية وأصحاب المصلحة في تصميم وتنفيذ أنظمة الترشيح الطبيعي والممارسات الزراعية المبتكرة، يمكننا ضمان أن هذه الحلول ليست فعالة فحسب، بل تتبناها أيضًا تلك التي تستفيد منها، مما يفتح مجموعة واسعة من الأفكار المبتكرة التي يمكنها تجديد المساحات الحضرية و وتنمية الاقتصادات المحلية.
نظرًا لندرة المياه على نطاق واسع في ليبيا، من الطبيعي استكشاف خيارات لاستخدام ارتفاع المياه الجوفية بدلاً من مجرد إلقاء هذا المورد الثمين في البحر، فعلى الرغم من أن التقارير العلمية تشير إلى أن المياه ملوثة وغير صالحة للشرب، إلا أنها تنطوي على إمكانات كبيرة للاستخدام الزراعي.
بدلاً من الاعتماد فقط على طرق معالجة المياه المعقدة التقليدية، والتي تتطلب استثمارات كبيرة وفترات تنفيذ طويلة، فإن البديل المستدام هو استعادة المياه الملوثة من خلال أنظمة الترشيح الطبيعية، مثل الممرات الحيوية والأراضي الرطبة الصناعية يمكن لهذه الأساليب القائمة على الطبيعة تصفية الرواسب والمساعدة في تحطيم الملوثات الضارة، بما في ذلك المعادن والبكتيريا والنيتروجين والفوسفور، وتحويل المياه الراكدة إلى مورد يمنح الحياة للزراعة.
وباعتماد ممارسات زراعية جديدة لم تكن شائعة من قبل في المنطقة، مثل زراعة المحاصيل غير التقليدية وتقنيات الري المبتكرة، لا يمكننا أن نعالج مشكلة الأمن الغذائي فحسب، بل يمكن أن يتم خلق فرصًا لكسب الدخل لسكان هذه المناطق، هذا النهج يشمل تطوير وبناء أنظمة ترشيح طبيعية جديدة، والتي من شأنها إدخال مهن جديدة لتعزيز الاقتصاد المحلي.
التحول يبدأ بالوعي والحوار
هذه المدونة ليست مجرد قصة عن زليتن- إنها رسالة للعمل والمشاركة. تبدأ الخطوة الأولى بفهم عمق القضية وزيادة الوعي بالإمكانات. سواء كنت عالمًا أو قائدًا محليًا أو مواطنًا مهتمًا، يمكن أن تساهم رؤيتك وجهودك في مواجهة التحديات البيئية.
دعونا نستخدم معرفتنا الجماعية وإبداعنا في ورش العمل والحوارات التفاعلية ليس فقط للتكيف مع التغيير ولكن خلق فرص جديدة للإزدهار. بالعمل معًا، يمكننا تحويل تحديات زليتن إلى فرص طموحة، وإظهار القدرة البشرية على الابتكار وخلق مستقبل أكثر استدامة.