تعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من الدول الأكثر تأثراً بالتصحر، وقد أظهرت التزاماً راسخاً بمكافحة هذا التحدي البيئي الملح. تظهر جهود المملكة من خلال العديد من المبادرات، مثل مبادرة السعودية الخضراء، ومشروع الرياض الخضراء، ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، التي تهدف جميعها إلى استعادة توازن النظم البيئية الهشة في المملكة.

وفي إطار هذه المعركة المستمرة، استضافت السعودية مؤخراً ورشة عمل بعنوان "مراقبة تدهور الأراضي في المناطق شديدة الجفاف" في الفترة من 26 إلى 28 أغسطس 2024. وقد تم تنظيم هذا الحدث المحوري بالتعاون بين المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي (NCVC) ووزارة البيئة والمياه والزراعة (MEWA)، وبدعم قوي من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في السعودية. عقدت الورشة في فندق كراون بلازا في الرياض، وجمعت بين الخبراء وأصحاب المصلحة لمناقشة ديناميكيات إنتاجية الأراضي والاتجاهات في مخزون الكربون العضوي في التربة في البيئات شديدة الجفاف، وهي قضية حاسمة بالنسبة للمملكة.

يعكس استضافة المملكة لهذه الورشة قيادتها والتزامها بالتنمية المستدامة والحفاظ على البيئة. يلعب المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي، الذي تم إنشاؤه لقيادة جهود مكافحة التصحر، دوراً حيوياً في تنفيذ استراتيجيات إعادة تأهيل الغطاء النباتي للغابات، وحماية الأنواع النباتية المهددة بالانقراض، وإنشاء وإدارة المتنزهات الوطنية بشكل فعال. وتتوافق رؤية المملكة 2030 مع هذه الجهود، حيث تؤكد على أهمية الاستدامة البيئية والحاجة إلى اتباع نهج متكامل وشامل لإدارة الأراضي.

تبرز مشاركة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الورشة شراكته الطويلة مع الحكومة السعودية في مواجهة التحديات البيئية. ومن خلال العديد من المبادرات في مختلف القطاعات، يواصل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي دعم المملكة في تحقيق أهدافها الطموحة وتعزيز التعاون العالمي وبناء القدرات المحلية لإدارة تدهور الأراضي بفعالية.

ألقت السيدة ناهد حسين، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السعودية، كلمة رئيسية خلال الورشة، أكدت فيها التزام البرنامج بالعمل جنباً إلى جنب مع الحكومة السعودية لمكافحة التصحر. وشددت على أهمية الشراكات والتعاون الدولي في مواجهة التحديات البيئية، مؤكدة على دور برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في دعم قيادة السعودية على الساحة العالمية.

ومن الجدير بالذكر أن السعودية ستستضيف المؤتمر السادس عشر للأطراف (COP 16) لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD) في الرياض من 2 إلى 13 ديسمبر 2024. وسيكون هذا المؤتمر حدثاً بارزاً حيث يتزامن هذا العام مع الذكرى الثلاثين للاتفاقية ولأول مرة يتم عقد مؤتمر للأطراف في هذه المنطقة. ستناقش الأطراف المشاركة في الاتفاقية الإجراءات المطلوبة لبناء القدرة على مواجهة الجفاف وتدهور الأراضي والتصحر.

تعتبر هذه الورشة خطوة هامة أخرى في مسيرة السعودية نحو الاستدامة البيئية، مما يظهر عزم المملكة على استعادة وحماية أراضيها للأجيال القادمة