تضم المملكة العربية السعودية أكبر احتياطيات النفط في العالم، وقد بزغت كقوة عظمى عالمية في مجال الطاقة. ومع ذلك، وعلى الرغم من أن مكاسب التنمية البشرية التي حققتها المملكة في الماضي كان الفضل فيها لعائدات تصدير النفط، إلى حد كبير، وعلى الرغم من استمرار تحقيق صادرات النفط لعائدات كبيرة للمملكة لسنوات قادمة، إلا أنه ثمة تحد على الأجل الطويل، يتمثل في بناء القدرات على ضمان استدامة اتجاهات التنمية البشرية في عالم تتزايد فيها القيود على الكربون.
وقد أدى تزايد الطلب على موارد الطاقة، نتيجة للتطور الصناعي السريع والنمو السكاني، إلى زيادة وعي المملكة بأن الطاقة المدعومة والإسراف في استهلاكها، لم يعودا من الخيارات القابلة للاستمرار، سواء من جانب سياسات الطاقة الوطنية أو من حيث الالتزامات البيئية الدولية.
تضطلع المملكة العربية السعودية بدور أكثر فعالية في سن سياسات محلية تهدف إلى الوصول إلى اقتصاد منخفض الكربون. ثمة دفع متزايد داخل المملكة باتجاه تطوير تقنيات الطاقة النظيفة وتطبيقها، وتقليل اعتماد الاقتصاد المحلي على استهلاك النفط. ومن شأن ذلك أن يساعد على الحفاظ على احتياطيات النفط ذات الأهمية البالغة من أجل تحقيق عائدات مستقبلية من وراء تصديرها، في الوقت الذي يقلص فيه من البصمة الكربونية للمملكة، التي تعد بين الأعلى على مستوى العالم. ويحمل ذلك بين طياته إمكانية تحول المملكة مستقبلاً من عاصمة النفط العالمية إلى قائدة ورائدة عالمية في مجال تقنيات الطاقة النظيفة.
ومع استمرار المفاوضات العالمية حول نظام مناخي عالمي جديد، كانت مساندة البرنامج لهذا الشأن بالغة الأهمية، حيث قاد شراكات جديدة بين القطاعين العام والخاص دعماً لتقنيات الطاقة النظيفة، وسياسات خفض الانبعاثات، والتدابير الجديدة لتحقيق كفاءة الطاقة.
ويقوم البرنامج بدور أساسي في مساعدة المملكة العربية السعودية في الأنشطة التمكينية الواجب الاضطلاع بها وفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المعنية بتغير المناخ، من خلال برنامج الإبلاغ الوطني الثاني للاتفاقية.
فقام البرنامج، على وجه الخصوص، بحشد الشراكة بين الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة ومرفق البيئة العالمية من أجل إصدار حصر لانبعاثات غازات الدفيئة وتقديم الإبلاغ الوطني الثاني للمملكة بشأن تغير المناخ إلى مؤتمر الأطراف الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المعنية بتغير المناخ.
ودخل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أيضاً، في شراكة مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وقاد الشركاء في القطاع الخاص، مثل شركة أرامكو السعودية (أكبر شركة للنفط في المملكة) والشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، لزيادة كفاءة الطاقة في جانب الطلب، في القطاعات الأساسية للاقتصاد الوطني.
ويساند البرنامج الوطني لكفاءة الطاقة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مراجعة استخدام الطاقة في القطاعين الصناعي والتجاري، وإدارة أحمال المرافق، ووضع السياسات واللوائح التنظيمية للمباني السكنية وكفاءة استهلاك الأجهزة للطاقة، وتحسين تبادل المعلومات المعنية بكفاءة استخدام الطاقة، وتعزيز خدمات الطاقة واستثمارات القطاع الخاص واستخدام تقنيات الطاقة النظيفة.
وبناء على النجاح الذي حققه كلا البرنامجين، من الممكن أن يشهد المستقبل توطين الاستجابات لتغير المناخ في السياسات والإجراءات المحلية على المستوى البلدي، وإنشاء المركز الوطني لكفاءة الطاقة للتشجيع على تطبيق المزيد من التدابير الهادفة إلى تحقيق كفاءة الطاقة على المستوى الوطني.