تتعرض البلدان التي تواجه الفقر للنزاع المدمر - مسبباً بنية تحتية هشة للمؤسسات وشحة في مواردها. وفي كثير من الأحيان، يعمل النزاع على ترسيخ الفقر أكثر فأكثر - مما يجعل المجتمعات والمؤسسات والبلدان تسير نحو حلقة مفرغة.
كانت اليمن بالفعل دولة فقيرة جدا قبل الحرب. كان الناس يعيشون بمتوسط 4.5 دولار أمريكي لدخل الفرد في اليوم وبلغت نسبة البطالة 52%. لقد كان تأثير الحرب واضحا بعد عامين فقط من النزاع. في عام 2016، كان يعيش المواطن اليمني بمتوسط دخل 1.8 دولار أمريكي في اليوم مع معدل بطالة يزيد عن 60% وأيضا قدرت معدلات الفقر المدقع ما بين 62 إلى 78%.
الأرقام الحالية للوضع الراهن غير معروفة، لكن اليمن مستمر في الهبوط أكثر وأكثر نحو القنوط واليأس. ما يقدر اليوم بنحو 21 مليون شخص (75% من السكان) في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية أو الحماية.
ومما يثير الاستغراب، أن 10 مليون يمني يعانون من المجاعة ولا يعرفون من أين تأتي الوجبة التالية بالإضافة الى نزوح اثنين مليون يمني.
عندما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة عن التوافق الذي تم التوصل إليه ضمن محادثات السلام السويدية، ازداد الامل في أن تكون هذه هي الخطوة الأولى نحو حل سلمي للنزاع في اليمن. إن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في اليمن، يعمل على أرض الواقع على الرغم من استمرار النزاع – حيث يعمل في الخطوط الأمامية - وأثناء تنفيذ أنشطة إنقاذ الأرواح ومعالجة مشاكل الفقر على الوصول إلى أشد الناس فقراً والى الفئات الاكثر هشاشة.
يتواجد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن بشكل مستمر منذ أكثر من 50 عامًا. نحن ندرك وبشكل مؤلم المخاطر الكبيرة - واحتمالية الانزلاق نحو الهاوية والتي قد تستغرق أجيالا للتعافي منها. بالفعل، نحن نقدر أن أربع سنوات من النزاع قد قضت على أكثر من عقدين في التنمية. لكن مع تجدد الآمال في السلام، يجب أن نضاعف جهودنا لمنع دوامة الهبوط من الرجوع إلى ما وراء نقطة اللاعودة.
وللمساهمة في القضاء على ذلك، والحيلولة دون وقوعه، عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي على إطلاق مشروع اليمن الفريد للاستجابة لأزمات الطوارئ (YERCP) - وهو مشروع يستجيب بشكل فعال للاحتياجات اليمنية ذات الصلة بالمجاعة، لا سيما الأسر الأكثر فقراً وهشاشة. كانت هذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها البنك الدولي من الشروع في هذا المشروع التمويلي الضخم من جمعية التنمية الدولية التابعة له للعمل من خلال وكالات الأمم المتحدة والحفاظ على تدفق برامج التنمية الحيوية خلال الأزمة.
وبهذا التمويل الأساسي من البنك الدولي، وفرت أعمال الاستجابة الطارئة لقرابة 2.5 مليون شخص في جميع أنحاء البلد إمكانية الوصول إلى الخدمات الرئيسية، مثل المياه والأراضي الزراعية المعاد استصلاحها، وكذلك ترميم المدارس والطرق. فبالمحافظة على بقاء الخدمات العامة، وتمكين الناس من إدارة الأعمال التجارية الصغيرة، ودفع رواتب المزارعين ومربو الماشية والصيادين لمواصلة الإنتاج، فإن ذلك بلا شك يساعد على تعزيز صمود الناس والاقتصاد على حد سواء.
قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومن خلال التمويل المقدم من دعم البنك الدولي، بتوسيع نطاق مشاريعه المتعلقة بسبل العيش والتي كانت تستهدف عدد أقل مما هي عليه في المناطق المستهدفة حاليا بنسبة 95% من عموم البلد وفي جميع محافظات اليمن البالغ عددها 22 محافظة. فعلى المستوى المحلي، نعمل بالفعل مع مؤسستين حكوميتين راسختين - الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة - لمواصلة توسيع نطاق تقديم الخدمات الحيوية. لقد كانت مساعدتنا حيوية وهامة في الحفاظ على قدراتهم ومساعدتهم على مواصلة تقديم الخدمات الأساسية للمجتمعات.
نسعى دوما وبشكل مستمر الى تقديم المساعدات الإنسانية في برامجنا، كما وندرك أن الناس لا يحتاجون فقط إلى المأوى والحماية والغذاء - ولكن المستقبل القوي يتطلب المزيد. يحتاج الناس أيضًا إلى وظائف لتمكينهم من شراء الاحتياجات الأساسية لعائلاتهم. إنهم بحاجة إلى أسواق فاعلة، حيث يمكنهم شراء هذه المواد. لذا يجب عليهم أن يكونوا قادرين على الاستثمار في الوقت الحالي وفي المستقبل. فبفضل شراكتنا مع البنك الدولي، قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مشروع النقد مقابل العمل، ليستفيد منه حوالي 2.1 مليون يمني، الأمر الذي ساعد الأسر لشراء الاحتياجات الأساسية الحيوية من خلال توفير ما يقرب من 6.8 مليون يوم عمل.
تعني الشراكة غير المسبوقة مع البنك الدولي أن عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يساعد المجتمعات على تجاوز الأزمة من خلال تقديم الدعم للمؤسسات والمجتمعات المحلية وصولاً إلى هذه الخدمات الحيوية، وكذلك مساعدتهم على الاستثمار في المستقبل. وهذا كان له دور بارز في الحفاظ على كرامة الشعب اليمني، وأمله بحياة كريمة في الأيام القادمة.