كتبه: فؤاد علي، مدير وحدة التعافي الاقتصادي والتنمية بالإنابة
في بلد يتسم بمناخه الجاف إلى شديد الجفاف، تواجه المجتمعات اليمنية الضعيفة المتأثرة بالحرب تحدياً إضافياً يتمثل في نقص المياه بسبب تغيرات المناخ.
كما يشكل انعدام الأمن المائي مصدر قلق كبير في اليمن. وهناك تفاوت كبير في هطول الأمطار في جميع أنحاء البلد حيث تعرقل المرتفعات الساحلية مرور شبكات الطقس المنتجة للأمطار. ويلقي هذا بظلال ممطرة تسفرعن المناخ الجاف الداخلي للبلد. ويساهم ذلك أيضاً في تآكل التربة الذي يتسبب في تدهور البيئة وفقدان التربة السطحية الخصبة -وهو ما يؤثر تأثيراً مباشراً على المصدر الرئيسي لدخل سكان الريف اليمني الذين يشكلون نحو 70 في المائة من سكان البلد البالغ عددهم 30 مليون نسمة.
وبالإضافة إلى ذلك، تسببت ست سنوات من الحرب في إلحاق أضرار بالعديد من البُنى التحتية المائية، بعضها لا يمكن إصلاحه. مما يجعل الأسر الريفية الفقيرة في جميع أنحاء اليمن لا تلجأ إلى أي خيار سوى التكيف مع حياة تعاني من شح متزايد في المياه بسبب تغير المناخ ونضوب طبقات المياه الجوفية. قد يسير العديد من النساء والأطفال ست ساعات أو أكثر في اليوم لجمع المياه، بينما يلجأ آخرون إلى الشرب من مصادر غير نظيفة أو يدفعون تكاليف اضافية للحصول على مياه الشرب، هذا إذا تمكنوا من تحمل تلك التكاليف والتي قد تكون باهظة جداً.
يعمل مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (YECRP)، على تنفيذ حلول طويلة الأجل، بتمويل ودعم من المؤسسة الدولية للتنمية/البنك الدولي وبالشراكة مع الصندوق الاجتماعي للتنمية (SFD) ومشروع الأشغال العامة (PWP).
حتى الآن، ساهمت شبكات تجميع المياه في جمع 1,06 مليون متر مكعب من المياه من خلال 814 خزانًا للمياه و 29,014 بئراً تم بناؤها لتجميع المياه. وهي توفر الآن إمكانية الحصول على المياه لأكثر من 1.1 مليون من اليمنيين الضعفاء المتأثرين بالحرب.
تشمل المشاريع حصاد مياه أسطح المنازل وتخزينها، مما غير ذلك حياة أولئك الأشخاص القادرين على الوصول إليها. وقد أثنتت أنظمة حصاد المياه اللامركزية أنها أكثر كفاءة واستدامة وفعالية من حيث التكلفة في جمع المياه وحفظها إذا ما قورنت بالشبكات المركزية لإمدادات المياه. وبالإضافة إلى ذلك، اغتنم مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة هذه الفرصة لتوفير فرص العمالة في المناطق التي يدعمها من خلال برامج النقد مقابل العمل.
ويوضح عبد الله الأسد، من قرية بيت الأسد في ذي السفال بمحافظة إب، أن النساء والأطفال كثيرا ما كانوا يقضون اليوم كله في جمع المياه. ويقول "النساء والأطفال هم من يجمعون المياه من أماكن بعيدة، ويحملون أوعية المياه على رؤوسهم أوعلى الحمير، إذا كان لديهم احداها. كانت هناك أوقات يغادرون فيها في الصباح ولا يعودون حتى المساء بسبب عدد النساء والأطفال الذين يصطفون للحصول على حصتهم من الماء".
قدم مشروع النقد مقابل العمل 130 أسرة في قرية عبدالله مبالغاً نقدية لبناء خزانات فردية خاصة بهم. ويقول الأسد: "لقد أتاح هذا المشروع للقرويين ــ والنازحين داخلياً الذين نستضيفهم فرصة العمل وكسب الرزق لأسرهم. نحصل على المياه فقط من الأمطار الموسمية، ولكن هذه الخزانات تساعدنا على تخزين المياه لاستخدامها خلال فصل الشتاء عندما تصبح المياه نادرة وشحيحة".
كما أتاح مشروع النقد مقابل العمل فرص لتوظيف 113,730، منهم 4 في المائة من النساء، 16 في المائة من النازحين، و 55 في المائة من الشباب. واليوم لا تحصل هذه الأسر على المياه النظيفة والقريبة من المنزل فحسب، بل إنها قادرة أيضاً على كسب المال لشراء السلع الأساسية مثل الغذاء، الرعاية الصحية والتعليم.
كما يسهم هذا المشروع في تحسين حياة النساء والأطفال اليمنيين. من خلال توفير مياه الشرب قريباً من المنازل، وبذلك تتحرر النساء والأطفال من مهمة جمع المياه التي تستغرق وقتاً طويلاً وتتطلب جهداً بدنياً، ونتيجة لذلك، تحسنت نسبة الالتحاق بالمدارس بالنسبة للبنات والبنين.
يصف محمد صالح علي مقبل، 10 سنوات، رحلة الخمس ساعات التي كان يقوم بها سابقاً لجمع المياه. "إذا ذهبنا في الصباح الباكر، يمكن أن نعود إلى منازلنا بحلول الظهر لكننا بذلك نضطر للتغيب عن المدرسة للحصول على الماء. كان من المؤلم والمتعب جدا أن أحمل قنينات المياه بيدي ولكن الآن بعد مشروع المياه، لم أعد مضطراً لجلب المياه او أن تفوتني المدرسة."
***
بتمويل ودعم من المؤسسة الدولية للتنمية/البنك الدولي، يعمل الصندوق الاجتماعي للتنمية و مشروع الأشغال العامة، بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على تنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن. يوفر المشروع الذي تبلغ تكلفته 400 مليون دولار أمريكي، محفزات اقتصادية، عبر مشاريع النقد مقابل العمل واسعة النطاق، ودعم الأعمال التجارية الصغيرة، والمبادرات ذات العمالة الكثيفة المرتبطة بالمشاريع الاجتماعية والاقتصادية، مما يعود بالفائدة على الأسر والمجتمعات المحلية المتضررة من الأزمة المستمرة في اليمن.