دور تراث البلدان في تجسيد السلام
21 مايو 2024
في أوقات النزاع، تعد الثقافة بجميع أشكالها وتجلياتها أداة مهمة لتعزيز النسيج الاجتماعي للمجتمعات وتعزيز الشعور بالانتماء والهوية بين المجتمعات.
من مدينتي صنعاء وشبام القديمتين المبنيتين من الطوب، إلى جبال حراز الوعرة وشواطئ البحر الأحمر، يكمن جمال اليمن في هندسته المعمارية وأطباقه الشهية وشعره ورقصه وحرفه اليدوية. ويدلل مشهدها الثقافي على الروح الدائمة لسكانها الذين حافظوا على هويتهم الثقافية واحتفوا بها حتى في خضم الاضطرابات والمحن.
لقد ثبت أن المشاركة والوصول إلى الثقافة وأشكال تعابيرها الحية، بما في ذلك التراث غير المادي (التقاليد الموروثة من الأجداد) يعزز قدرة المجتمعات على الصمود والتماسك الاجتماعي، ويخلق قيم المسؤولية المشتركة، حيث تعتبر الثقافة عاملاً قوياً في خلق السلام الدائم في اليمن وخارجه.
مارينا ثابت، ناشطة مجتمعية من عدن، تؤمن بالقوة التحويلية للتراث الحي. شاركت بنشاط في شبكة بناء السلام التابعة لمركز المرأة للتدريب والبحث، بدعم من مرفق دعم السلام التابع للأمم المتحدة، وقد ألهمتها أنشطة الشبكة للعمل في مشروع يستخدم فولكلور عدن كأداة لتعزيز السلام.
وضمن مشروعها، نظمت مارينا وزملاؤها ندوة ثقافية وعرضاً مسرحياً عاماً للاحتفاء بدور الفلكلور الشعبي العدني في تعزيز ثقافة السلام بين أفراد المجتمع. ويرتكز هذا على إيمانهم الراسخ بدور التراث الثقافي في مكافحة الصور النمطية والحد من الصراع والعنف.
"يلعب التراث الثقافي غير المادي دوراً مهماً في الحفاظ على التنوع الثقافي في مواجهة العولمة المتزايدة." تؤكد مارينا أن فهم التراث الثقافي غير المادي لمختلف المجتمعات المحلية يؤسس للحوار بين الثقافات ويشجع الاحترام المتبادل.
وهذا أحد الأمثلة على كيف يمكن للثقافة أن تكون أداة تمكينية للاحتفال بالاختلافات، وتوسيع الآفاق، والحفاظ على التماسك الاجتماعي. توفر الثقافة، وخاصة من خلال الفنون، مساحة واسعة لتبادل الخبرات ويمكن أن تكون بمثابة وسيلة قوية للعزاء والتعافي.
تقول مارينا: "تاريخياً، كانت عدن دائماً مدينة تحتضن ثقافات مختلفة".
أصبحت مدينة عدن، وهي ميناء بحري رئيسي يقع في جنوب اليمن، موطنًا ومحطة لآلاف اللاجئين والنازحين داخليًا. لقد أدى موقعها الجغرافي إلى جانب تأثير الهجرة والتجارة إلى تطوير المدينة بمرور الزمن لتصبح بوتقة انصهار ثقافية آسرة.
"إن التعبيرات والمعرفة التي تمتلكها المجتمعات المحلية تنحدر من العصور القديمة وتنتقل عبر الأجيال." شددت مارينا على أن التراث الثقافي غير المادي يمكن أن يقدم مساهمة كبيرة في الاقتصاد المحلي.
إن تعزيز أشكال التعبير الحية يحمي الأدلة التاريخية حول المجتمعات وهوياتها، وهو أمر حيوي للسلام والأمن والتنمية المستدامة. إن تمكين الحوار بين الأجيال والثقافات يمكن أن يقلل من خطر العنف، وفي نهاية المطاف، يعزز بناء السلام. ويمكن أن يساهم في خلق ملاذ آمن وحافز للمجتمعات لتحقيق التنمية البشرية وتوفير فرص عمل جديدة وتعزيز الدخل.
تأسست شبكة بناء السلام في مركز المرأة للبحث والتدريب (WRTC) بجامعة عدن في عام 2022 بدعم فني ومالي من مرفق دعم السلام التابع للأمم المتحدة لتعزيز أجندة المرأة والسلام والأمن (WPS) والدعوة إلى مشاركة المرأة في عملية السلام.
ويدعم مرفق دعم السلام التابع للأمم المتحدة عملية السلام التي يقودها مكتب المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن. منذ عام 2019، نفذ مرفق دعم السلام التابع للأمم المتحدة تدخلات في المراحل الأولية والنهائية في جميع أنحاء اليمن لدعم العملية الوطنية نحو السلام، وفي نفس الوقت تسريع مبادرات بناء السلام المحلية.
يتم دعم مرفق دعم السلام التابع للأمم المتحدة بتمويل سخي من الاتحاد الأوروبي والتعاون الألماني وحكومة النرويج.