حلاوة نجاح مربي النحل اليمنيين
20 مايو 2024
تعد تربية النحل في اليمن أحد العادات القديمة التي تعود لآلاف السنين.يُستخدم العسل اليمني ذهبي اللون الذي تنتجه الحشرات الصغيرة التي تعمل بلا كلل كعلاج ذو مذاق لذيذ، ناهيك عن كونه مصدر دخل لما يقارب 1000 نحال يمني. يشتهر العسل اليمني بمذاقه الفريد وفوائده الصحية المحتملة، حيث توجد أصناف عديدة مثل عسل السدرالمعروف بلونه العنبري وخصائصه الطبية.
في الماضي، كانت اليمن تُصدّر أكثر من 2000 طن من العسل سنوياً، مما يدل على الجودة العالية والطلب العالمي على هذا الكنز اليمني. ولكن، شهدت تربية النحل في الآونة الأخيرة تهديد بسبب الصراع وتغير المناخ. ومع ذلك، هناك حركة متنامية تضج بالأمل.
يدعم البرنامج المشترك لدعم سبل العيش والأمن الغذائي والتكيف المناخي في اليمن (الصمود الريفي 3)، التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي – بتمويل مشترك من الاتحاد الأوروبي والسويد، مربي النحل اليمنيين تقنياً ومالياً، وذلك بهدف تعزيز نشاط تربية النحل وإطلاق العنان لإمكاناته لتحسين الاقتصاد اليمني وتمكين المجتمعات.
تعرف على مربي النحل الصامدين في اليمن.
من العمل بالأجر اليومي إلى الدخل المستقر
كانت حياة يحيى الحراسي، أب يبلغ من العمر 39 عام، كفاح مستمر. يعيش يحيى في محافظة المحويت اليمنية. كان يعمل في البناء بدخل ضئيل لا يكفي لإعالة زوجته وستة من أبنائه. مرت أيام عديدة دون أن يعمل يحيى، حينها لم يتوفر الطعام على مائدة منزله.
منذ ما يقارب الخمس سنوات، رغب يحيى بحياة أفضل لعائلته، لذا عمل في مجال تربية النحل، من أجل تحقيق دخلاً ثابتاً. تعلم يحيى أسرار خلايا النحل من أحد اصدقائه، ومكافأة حصاد العسل في الربيع. شعر يحيى بالأمل، فقد رأى نفسه يمتلك خلايا نحل عديدة، مليئة بالعسل، وجاهزة للبيع.
اقترض يحيى المال واشترى خليتي نحل، واعتنى بهما جيدًا، ومع مرور الوقت، تضاعف عدد خلايا نحله، من اثنتين إلى خمس عشرة خلية.
لسوء الحظ، اجتاح الجفاف الأرض، جتاح الجفاف الأرض، فامتص الحياة من الزهور ، وترك خلايا يحيى قاحلة. لم يعد لدى يحيى مصدر الدخل الذي كان بأمس الحاجة إليه، مما أجبره على العودة إلى أعمال البناء الشاقة والغير دائمة، والتي لاتضمن ليحيى الحصول على دخل بشكل يومي.
وعندما شعر يحيى أنه فقد كل شي، ظهر بصيص أمل. حيث انضم يحيى إلى مبادرة تابعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي تدعم سبل المعيشة. وتلقى تدريب بعنوان "مشروعي الأول" حيث تعلم إدارة المشاريع الصغيرة ومحو الأمية المالية. مكنته المعرفة التي حصل عليها إلى جانب منحة مالية من شراء أربع خلايا نحل جديدة والعمل في مجال تربية النحل مرة أخرى. يتنقل يحيى بها إلى مواقع مختلفة بحثاً عن المرعى الأفضل لنحله.
يقول يحيى: " يتم حصاد العسل مرتين في السنة. تنتج كل خلية كيلوغرامين ونصف من العسل، وبفضل برنامج الصمود الريفي 3، يمكنني مضاعفة إنتاجي!"
يتوقع يحيى خلال موسم الحصاد القادم بيع 10 كيلوغرامات من العسل الأبيض، وهو النوع الأكثر قيمة في منطقته مقابل 450,000 ريال يمني - وهو مبلغ كبير من شأنه أن يحقق الاستقرارالذي تحتاج إليه عائلته. يقول يحيى بارتياح: "الآن، يوجد دائمًا طعام على المائدة لأطفالي".
الصراع ، النزوح، وطاقة النحل
مزقت الحرب، التي اندعلت عام 2015، حياة خلدون. اضطر هو وزوجته وأطفاله الأربعة إلى الفرار من منزلهم في عدن، تاركين كل شيء وراءهم. وانتهى بهم الأمر في منزل مهجور في ريف تعز، وهو أمر بعيد كل البعد عن حياتهم السابقة.
وبسبب ندرة الوظائف، واجه خلدون صعوبات جمة في توفير الطعام لعائلته، فبدأ بالعمل في الحفر وتحميل الأحجار. خلال عمله، التقى خلدون بنذير سلاّم، مربي النحل الذي أصبح صديقه المقرب. تعلم خلدون تربية النحل من نذير، وكان شغفه بالنحل ينمو مع كل درس.
وأصبح حلمه الأكبر هو امتلاك خلايا نحل كافية لتوفير مصدر دخل ثابت لعائلته.ولكن لم يتوفر لديه المال الكافي، وبدا الحلم بعيد المنال.
قام البرنامج المشترك بتمكين خلدون وغيرهم من الشباب في منطقة المعافر، وتعزيز صمودهم واعتمادهم على أنفسهم. بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والشريك المحلي، مؤسسة تمدين شباب (TYF)، حصل 250 مشاركًا في البرنامج على تدريب فني ومنح مالية سمحت لهم ببدء مشاريعهم التجارية الصغيرة وتنميتها.
يقول خلدون: "كان اختياري من قبل المشروع أسعد لحظة في حياتي". "لقد قدموا لي التدريب وساعدوني في إعداد مقترح مشروع صغير. وبفضل دعمهم، أصبح لدي خلايا نحل أخيرًا!"
وبفضل منحة المشروع، يمتلك خلدون الآن أكثرمن 20 خلية نحل ويعمل بدوام كامل كمربي نحل. والذي يعد تحول جذري عن أيام العمل المضني.
الآن، أصبح لدى خلدون عمل مزدهر، ودخل موثوق، وشعور متجدد بالأمل.
من هواية إلى نجاح مستدام
في محافظة لحج اليمنية، حيث الظروف القاسية تتحدى الحياة اليومية، قام حسن اليماني، طالب جامعي يبلغ من العمر 23 عاماً، بتحويل هوايته في تربية النحل إلى مصدردخل لتغطية نفقات أسرته المكونة من ثمانية أفراد. بدأ رحلته بموارد محدودة، معتمداً على جهوده الخاصة ومدخراته القليلة. اشترى 18 خلية نحل، لكنه اضطر إلى بيع بعضها لتغطية تكاليف دراسته. ومع مرورالوقت، واجه تحديات مالية أعاقت تقدم مشروعه.
ولحسن الحظ، ساعد التدريب الفني ومنحة مالية بمقدار 900 دولار أمريكي، حسن على تحقيق النجاح كمربي نحل.
يقول حسن: "لقد وسّع التدريب مداركي". "لقد تعلمت كيفية تحويل مشروعي الصغير إلى مشروع تجاري حقيقي."
رغم بداياته المتواضعة في تربية النحل، لعب تفاني حسن وشغفه دورًا كبيرًا في نجاح مشروعه. بدأ باثني عشر خلية نحل فقط، ولكن بفضل العمل الجاد، نما مشروعه ليصل إلى 23 خلية.
ويخطط حسن للقيام بخطوة كبيرة في موسم السدرالمقبل، حيث سينقل خلاياه إلى محافظتي شبوة وحضرموت. هناك، يأمل أن يحصد عسل السدر الشهير، وهو سائل ذهبي يشتهربطعمه الفريد، ويحقق دخلاً كبيراً يمكن أن يغير حياة حسن وحياة أفراد عائلته.
مستعرضًا رحلته الريادية في مجال تربية النحل ، يقول: "لقد تعلمت أشياء كثيرة من مجتمع النحل، مثل المثابرة والعمل الجاد. لقد تعلمتُ أيضًا مدى أهمية أن يكون الشخص منتجًا. تمامًا مثل النحل في خليته، لدينا جميعًا أدواراً نلعبها، ومعًا يمكننا تحقيق الكثير ".
***
بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي (EU) وحكومة السويد، قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والشركاء المحليين، مؤسسة لأجل الجميع (FAF)، ومؤسسة التنمية المستدامة (SDF)، ومنظمة ملتقى صناع الحياة (LMMPO)، ومؤسسة تمدين شباب (TYF) بتدريب وتقديم الدعم المالي ل 397 مربي نحل (من ضمنهم 80 امرأة) كجزء من تدخلات البرنامج المشترك لدعم سبل العيش والأمن الغذائي والتكيف المناخي في اليمن (الصمود الريفي 3)، والذي يهدف إلى تعزيز قدرة المجتمعات الريفية المتضررة من الأزمة في اليمن على الصمود.