مقهى محمد ليس مجرد مكان لتناول القهوة والطعام، هو رمز للأمل والتغيير وعدم الاستسلام.
مقهى محمد: تصاعد وتيره النجاح في ديالى
1 سبتمبر 2024
البدايات البسيطة
في قلب سوق بعقوبة القديم في ديالى، يقف مقهى محمد كأثر من الماضي. تروي جدرانه المتشققة وأثاثه القديمة وإضاءته الخافتة قصة عن الكفاح والصمود. ورث محمد جليل، 27 عاماً، الذي عانى من فقدان السمع وصعوبات في النطق منذ ولادته، هذا المقهى من والده، وهو من قدامى الجنود المصابين بإعاقة بسبب الحرب. والآن، يتحمل محمد مسؤولية إعالة أسرته بالكامل، بما في ذلك والدته وإخوته وزوجته وأطفاله، من خلال الدخل المتواضع الذي يوفره المقهى.
صراع لمواجه الصعاب
في الماضي، كان مقهى محمد يقدم المشروبات الساخنة فقط، حيث كان المقهى يلبي احتياجات الأسرة الأساسية فقط. وبعد وفاة والده، ازداد الوضع سوءاً واضطر محمد إلى العمل في وظائف متعددة بأجر يومي لتغطية نفقاته، حيث كان الدخل من المقهى في ظل حالته المتدهورة وبنائه القديم غير كافٍ.
يقول محمد وهو يتأمل تلك الأوقات الصعبة: "كانت أياماً صعبة. لم أكن أعرف ماذا أفعل. لم أتمكن من توفير الاحتياجات الأساسية لعائلتي، وتراكمت علينا الديون. شعرت وكأنني أعيش في كابوس لا مفر منه".
بصيصَ أَملٍ
في وسط الظلام الدامس، عاد بصيص الأمل. حيث أصبح مقهى محمد جزءاً من برنامج المنح للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي سمح لمحمد بتجديد المقهى بالكامل وتجهيزه بماكنة لصناعة العصائر ومعدات الطبخ البسيطة. تهدف هذه المنح إلى دعم الشباب العراقيين مثل محمد في إنشاء واستدامة أعمالهم التجارية، ومنحهم فرصة لإعادة بناء حياتهم ومجتمعاتهم.
ملتقى حيوي لافراد المجتمع
لم يقتصر التحول على مظهر المقهى فحسب، بل جلب أيضاً قائمة طعام جديدة ومتنوعة. يقدم مقهى محمد الآن مجموعة واسعة من وجبات الإفطار العراقية اللذيذة والمشروبات المنعشة والأطباق التقليدية مثل الكبة والمخلمة بالبيض والحساء الدسم. وقد اجتذبت هذه القائمة المتجددة عملاء جدد، مما حول المقهى إلى مركز حيوي للاكلات المحلية.
بداية جديدة
تحول مقهى محمد بسرعة إلى واحة في قلب السوق، تجذب المثقفين من مختلف أنحاء ديالى. وأصبح مكاناً للتجمع وللندوات والمناقشات الثقافية، حيث تلتقي العقول وتزدهر الأفكار. أصبح المقهى الآن وجهة محبوبة لمجتمع المثقفين والشباب في ديالى، حيث يوفر مساحة فريدة للتواصل والمشاركة والاستمتاع بالمحادثات الهادفة.
النجاح والإلهام
لقد زادت أرباح محمد بشكل كبير، مما سمح له بإعالة أسرته وتوفير حياة كريمة لهم، بدخل يومي يبلغ حوالي 30 ألف دينار عراقي. ولم يتوقف طموحه عند هذا الحد، فقد قام بتوظيف عامل آخر، مما خلق فرصة عمل لشخص آخر يواجه ظروفاً صعبة.
لقد أصبحت قصة محمد شاهد أمل للعديد من الشباب في ديالى، حيث أظهرت لهم أنه بالمثابرة يمكن تحقيق أحلامهم، مهما كانت الظروف صعبة.
حول البرنامج
قصة محمد هي مثال رائع لقدرة الروح البشرية على التغلب على الشدائد وتحقيق النجاح. ومن خلال تصميمه وبدعم من برنامج تعزيز القدرة على الصمود من خلال العمل التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالشراكة مع مؤسسة الإغاثة الإنسانية وبدعم سخي من الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية المقدم من خلال البنك الألماني للتنمية، استطاع محمد ان يحول حلمه إلى حقيقة ملموسة.
لم تساعد هذه المبادرة محمد في إعادة بناء حياته فحسب، بل وأعادت الحيوية الى مجتمعه أيضاً، حيث أصبح المقهى، الذي كان في السابق متواضعاً، مركزاً ثقافياً ومكاناً محبوباً للتجمع، مما أعطى حياة جديدة للسوق وجعله أكثر حيوية من أي وقت مضى.
حتى الآن، تم دعم أكثر من 1181 مؤسسة صغيرة ومتوسطة الحجم من خلال التدريب أو التوجيه أو المساعدة العينية أو المنح، مما ألهم العديد من الآخرين لمتابعة أحلامهم، بغض النظر عن العقبات.