مياه متدفقة لحياة أفضل
بيت ثريّا في آخر زاروب طويل متعرج في مزبود، لاشيء خلفه غير نصف حائط يفصله عن بيوت متواضعة مكتظة بأولاد لم تترك لهم حرب بلادهم ملاذا غير ألعاب ابتكروها من قطعة خشب ما.
مقابل هذه البيوت، وتحديدا في بيت ثريا، معلّمة الابتدائية، أولاد يقصدونها كل يوم عطلة لتعويض ما فاتهم من دروس. يرصدوننا بأعينهم من بين درفتي البيت القديم، بينما تصف لنا معلمتهم، بخجل من لم يتعود على أن يكون محور السؤال، وضع قريتها.
"كان لدينا الكثير من المشاكل في الحي حول المياه، بين من حصل عليها ومن افتقدها،" تخبرنا ثريا باقتضاب، فهي حريصة على مراعاة حساسية المشادات التي جرت في الماضي بين أهل قريتها. فمزبود التي تعتبر من أكثف قرى إقليم الخروب من حيث عدد السكان، هي مسكن لما يفوق ٤,٣٠٠ شخصا بحسب ارقام البلدية. ومنذ بداية الأزمة السورية، فتحت البلدة بيوتها لآلاف اللاجئين، مما زاد الطلب على الخدمات الأساسية بنسبة ٣٠٪ تقريبا.
لتخفيف الضغط الذي تواجهه البلدية في استخدام الموارد الأساسية، استجاب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للحاجات التي حددها أهالي مزبود كأولوية. فتم حفر بئر مياه جديد ووصله بالخزان الأساسي لمسافة 1300 متر وبناء غرفة لمعالجة الماء - بدعم من ألمانيا من خلال البنك الألماني للتنمية (KfW) - ضمن مشروع دعم المجتمعات اللبنانية المضيفة بالشراكة مع وزارتي الشؤون الاجتماعية والطاقة والمياه.
يغذي هذا البئر ٨٥٠ منزلا في الجزء الشمالي من القرية، والذي كان يعاني من النقص الأكبر في المياه، إذ كان سكانه ينتظرون الساعات الأربعة أسبوعيا من الإمداد المائي ليقضوا بها حاجاتهم ويخزنون الماء قدر المستطاع. أما اليوم، فالبئر الجديد يؤمن الماء لمدة عشر ساعات في اليوم الواحد.
"الحمد لله!" تقول ثريا، "لم نعد بحاجة لشراء المياه بعد الآن."
كأم عاملة، أصبحت حياة ثريا أسهل بفعل هذا المشروع. فهي باتت قادرة على استثمار وقتها في العمل أو مع عائلتها عوضا عن انتظار الإمداد المائي، كما أصبحت قادرة على توفير المبالغ التي كانت تخصصها لشراء المياه.
في قطاع المياه، منذ ٢٠١٤ وحتى اليوم، نفذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي89 مشروعا لتأمين المياه للمجتمعات المهمشة، مؤمنة الماء لحوالي 446,370 شخصا" في مختلف أنحاء لبنان.