كيف غيّر برنامج للتدريب المهني حياة صهيب
أعمال سباكة يتخللها الشغف في الفلوجة
28 مايو 2024
استيقظ صهيب راسم أحمد كل صباح داعياً ربه أن يجد فرصة عمل له في مواقع البناء المختلفة بالمدينة.
كان الشاب البالغ من العمر 25 عاماً يعمل عاملاً بأجر يومي في الفلوجة طول فترة حياته حيث كان يكسب 25,000 دينار عراقي (حوالي 17 دولاراً) كأجر يومي من اجل توفير لقمة العيش لوالديه المسنين الذان يسكنان معه.
ومع ذلك، فقد ابتسم له الحظ مؤخراً عندما تم اختياره للمشاركة في دورة تدريب مهني من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشريكه، منظمة "هيومن أبيل".
قدمت الدورة، المصممة لتمكين العائدين والنازحين السابقين وأفراد المجتمع، لصهيب فرصة لصقل مهاراته في مجال السباكة.
ويقول صهيب بابتسامة لمعت على محياه: "انتهزت هذه الفرصة لأنها كانت فرصتي الوحيدة للحصول على دخل ثابت." ومن خلال الأجور التي كانت تقدم للمتدربين في الورشة التدريبة والتي تبلغ قيمتها 15 دولاراً في اليوم، استمر صهيب بإعالة اهله من خلال هذا المبلغ.
بفضل التدريب الذي تلقاه على يد مدربين محترفين في معهد التدريب المهني المحلي، برز صهيب كسباك ماهر.
قدم التدريب فرصة عمل في ورشة السباكة الخاصة بـ "وِسام ياسين مخيلف"، حيث حصل صهيب على بضعة أيام من الممارسة قبل أن يُكلف بأعمال السباكة لمنزل كامل.
وقال وسام: "يصبح عملي أسهل عندما أستقبل أفراداً مدربين. أقدم لهم توجيهات أساسية ويبدأون العمل على الفور. صهيب معنا منذ شهرين تقريباً وهو الآن قائد فريق بالفعل".
وأضاف أن وجود سباكين مدربين مكّنه من العمل على المزيد من المنازل في مجمع الزهير، وهو مجمع سكني جديد يضم أكثر من 3000 منزل مازالت قيد الإنشاء على مشارف مدينة الفلوجة. مع انضمام صهيب إلى العمل معنا توسع الكادر ليشمل فريقين، كل فريق مكون من ثلاثة سباكين - يقود صهيب الفريق الثاني.
مكّنته مجموعة أدوات السباكة التي تم تقديمها لصهيب في نهاية التدريب من البدء بالعمل على الفور - مما سمح له بالحصول على فرص خارج ورشة وسام.
ويقول صهيب بحماس: "تم تكليفي مؤخراً للقيام بأعمال السباكة في منزل خارج المجمع، وقد دفع لي ذلك 75,000 دينار عراقي (حوالي 52 دولاراً أمريكياً)". وهي زيادة كبيرة بما يقارب 50 ألف دينار عراقي عن الأجور التي كان التي يكسبها يومياً في المجمع.
بفضل حصول صهيب على دخل أكثر استقراراً، يمكنه الآن أن يحلم بمستقبل أفضل.
تمثل قصة صهيب رواية أكبر تتكشف في الفلوجة وفي العديد من مناطق العودة في العراق - قصة مصالحة وإعادة إعمار. نزح كل من صهيب ووسام من منزليهما - حيث عاشا في بغداد لمدة عامين قبل العودة إلى الفلوجة. والآن وبعد ان عاد السلام، فإن اهتمامهم ينصب على إعادة ترتيب حياتهم.
قال وسام: "أصبح القبول المجتمعي أمراً شائعاً، وانخفضت الحساسية تجاهه، الأمر ليس كما كان من قبل". وأكد وسام أن المهارات بالنسبة له أهم من ماضي الفرد لأنه يحتاج في الوقت الحالي إلى عمال مهرة.
وفقًا للتقييمات التي أجرتها مؤسسة "هيومن أبيل" قبل بدء المشروع، فإن الحرف المهنية توفر فرص العمل الأكبر للشباب، ومع ذلك فإن قلة منهم فقط أبدوا اهتماماً بها. ولهذا السبب بالذات، يحرص أصحاب الورش مثل وسام على الشراكة مع المشروع لتوفير فرص عمل للمتدربين. وقد دعم هذا التعاون الجهود الرامية إلى تعزيز إعادة الإدماج والقبول مع تلبية الاحتياجات الاقتصادية للمجتمعات.
شدد أنمار محمود، مدير إدارة المنظمات في مكتب رئيس بلدية الفلوجة، على أهمية مثل هذه المبادرات لاستعادة الاقتصاد المحلي وتعزيز إعادة الإدماج السلمي.
وقال: "يسعدنا أن يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمات أخرى بتعزيز هذه الأنشطة لأنها تشجع قبول العائدين في المجتمعات المحلية، ولا سيما الأرامل اللاتي يُنظر إليهن بشكل متزايد على أنهن ضحايا بريئات". وأضاف أنه مع نمو قطاع البناء، فإن كل إضافة إلى القوة العاملة في هذا المجال تخلق فرص عمل وتعزز السلام.
بالنسبة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، هذه هي بداية عراق جديد ومسالم حيث تعمل المجتمعات معاً لتحقيق التنمية المستدامة.
حول هذه المبادرة
يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من خلال مشروع المصالحة وإعادة الإدماج المجتمعية في العراق - وهي جزء من برنامج التماسك المجتمعي - بالشراكة مع مؤسسة "هيومن أبيل" لتعزيز العودة وإعادة الإدماج والتماسك المجتمعي في مناطق العودة بالعراق. تم تنفيذ مشروع المصالحة وإعادة الإدماج المجتمعية في العراق في محافظات كركوك وديالى والأنبار، وعاد بالنفع على 170 مستفيداً، من ضمنهم 82 امرأة في جميع المحافظات.
وبهدف الوصول الى 9000 فرد في عام 2024، فإن هذه الجهود التي يدعمها صندوق تمويل بناء السلام التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تعد ضرورية لوضع الأساس لمجتمع عراقي مسالم ومتماسك اجتماعياً بينما يشرع البلد في رحلة التنمية المستدامة.