تعزيز الإنتاج الزراعي في واحدة من أكثر دول العالم شحةً في المياه.
دعم الزراعة المقاومة للمناخ في اليمن
9 سبتمبر 2024
يعتبر القطاع الزراعي في اليمن، الذي يوظف ويدعم شريحة كبيرة من السكان - خاصة في المناطق الريفية الأكثر ضعفاً – المصدر الرئيسي للإنتاج الغذائي المحلي وجزءً بالغ الأهمية في تعزيز الأمن الغذائي في بلد يعاني من الجوع على نطاق واسع.
لسوء الحظ، تأثر القطاع الزراعي في اليمن سلباً بالصراع الذي طال أمده - وآثار تغير المناخ. يستورد اليمن حوالي 85٪ من غذائه، بما في ذلك 90٪ من القمح اللازم للإمدادات الغذائية، مما يعني ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية.
جفاف وفيضانات وسيولٌ جارفة
يواجه الأمن الغذائي في اليمن تحديات متعددة - وكلها تتفاقم بسبب تغير المناخ. فترات طويلة من الجفاف الشديد والفيضانات المدمرة التي تدمر البنية التحتية الزراعية وتؤدي إلى انجراف التربة الخصبة تؤثر على المناطق الريفية والزراعية - والإنتاج الغذائي المحلي.
واستجابة لهذه الأزمة، يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة لتنفيذ مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن. ويهدف المشروع، الذي يموله ويدعمه البنك الدولي، إلى معالجة أزمة الأمن الغذائي من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية الزراعية والحفاظ عليها وتعزيز الممارسات الزراعية الذكية مناخياً.
ويُعد إعادة تأهيل قناة الري في كبة الأشرف في بني سواد، إحدى مديريات وصاب السافل بمحافظة ذمار، أحد هذه المشاريع.
لطالما عانى حمود، وهو مزارع محلي يبلغ من العمر 61 عاماً، من صعوبة ري أراضيه الزراعية في منطقة تعاني من ندرة المياه. ويوضح حمود قائلاً: "أصبحت حياتنا صعبة بسبب الجفاف الذي طال أمده وندرة المياه. نحن نفتقر إلى مصدر مياه يُعتمد عليه للري حيث نعتمد فقط على مياه الأمطار."
ومع تضرر القناة المحلية، يقول حمود إن الأرض جفت، مما أدى إلى انخفاض إنتاج المحاصيل، وفي النهاية اصبح المزارعين غير قادرين على العمل فيها.
يقول حمود: "قبل الأزمة، كنت قادراً على زراعة أرضي على مدار العام، وإنتاج 20 كيساً من البازلاء من كل 4,400 متر مربع." "فهذا لم يوفر الغذاء لعائلتي فحسب، بل كان أيضاً بمثابة علف لماشيانا، مما يضمن الاستقرار لعائلتي."
ويُشير حمود حالياً إلى أن "الجفاف الذي طال أمده دمر أرضي ودمر المحاصيل وأدى إلى تجويع مواشينا. لم أتمكن من إعالة أسرتي واضطر اولادي إلى الانتقال بحثاً عن عمل".
ويصف حمود مشروع إعادة تأهيل القناة بأنه "يحمل وعد استعادة الوصول إلى المياه، وإعادة إشعال حماسنا كمزارعين وتمكيننا من كسب لقمة العيش مرة أخرى".
تأثير تغير المناخ
ويوضح عبده، وهو مزارع محلي آخر يبلغ من العمر 52 عاماً، أن "إيصال المياه إلى الأراضي الزراعية من خلال قنوات الري أمر بالغ الأهمية للمزارعين الذين يعتمدون على الزراعة المطرية. لسوء الحظ، في السنوات الأخيرة، تسبب الضرر الذي لحق بالقناة بترك الأرض جافة."
تعتبر الزراعة أساسية للغاية في المنطقة - "مصدر دخلنا الوحيد، فهي تزودنا بالغذاء والعلف لماشيتنا" - لدرجة أن عبده يقول إن المناخ القاسي أجبر الكثير من الناس على التخلي عن أراضيهم والانتقال إلى المدن بحثاً عن سبل عيش أخرى.
ويتابع عبده قائلاً: "في الماضي، كنا قادرين على حصاد ما يكفي من الحبوب للاستهلاك المحلي وبيع الفائض لتلبية احتياجاتنا الأساسية." لكن هذا الوضع تغير بشكل جذري، وأصبح توفير الطعام يُمثل تحدياً متزايداً. ويقول: "أتذكر الأوقات التي كنت بالكاد أستطيع فيها تحمل تكلفة وجبة واحدة".
ويتذكر عبده قائلاً: "كنا نعيش نحن المزارعين في خوف دائم من الأمطار الغزيرة المدمرة التي من شأنها أن تجرف حقولنا بعد الجفاف". ويُضيف "هذا المشروع يعني أنه يمكننا الآن توفير الأموال التي كنا سننفقها على استئجار الجرارات لإصلاح الأضرار الناجمة عن الأمطار الغزيرة."
وبهذا الأمل المتجدد، يستعد المزارعون للموسم الزراعي المقبل، "المليء بالحماس والتفاؤل من أجل حصاد وفير"، كما يوضح عبده.
ترميم وتحسين البنية التحتية للمجتمع
يقول المهندس جمال السناباني، مشرف فرع مشروع الأشغال العامة: "تم اختيار هذه المنطقة بالذات للمشروع بناءً على كونها منطقة زراعية بنسبة 100٪، مما يعني زيادة الفائدة من هذا التدخل إلى أقصى حد." قام مشروع الأشغال العامة بتنفيذ الجزء الأول من المشروع، وهو بناء حاجز رُسوبي لرفع منسوب المياه وبناء مدخل قناة بطول 200 متر لإعادة توجيه المياه التي تمر عبر الوادي إلى القناة، مما يضمن توافرها للري، بالإضافة إلى بناء جدران الحماية.
ويوضح السناباني أن "الهدف العام من هذا المشروع هو استعادة الأراضي الزراعية في المنطقة والحفاظ عليها، مما يعطي دفعة مُستدامة وطويلة الأجل للأمن الغذائي في المنطقة".
ويوضح المهندس باسم السقاف، استشاري الصندوق الاجتماعي للتنمية في المشروع، أن "المزارعين في المنطقة تأثروا بشكل كبير بتغير المناخ، مما أدى إلى الجفاف وانخفاض الإنتاجية الزراعية." ويضيف أن "الصندوق الاجتماعي للتنمية قام بإعادة تأهيل القناة الرئيسية وكذلك القنوات الفرعية، إلى جانب إنشاء بوابات تحكم فرعية والعديد من الجسور وجدران الحماية. حيث تقوم القنوات الفرعية بإيصال المياه من القناة الرئيسية إلى الأراضي الزراعية، في حين تساعد بوابات التحكم في تنظيم تدفق المياه وتوزيعها على المزارع المتعدده. وتحمي جدران الحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات المحتملة، بينما تساعد الجسور الناس والمركبات على الانتقال فوق القنوات."
فرص عمل مؤقتة
وبالنظر إلى الاحتياجات الإنسانية الملحة التي تواجهها العديد من المجتمعات في جميع أنحاء اليمن، تركز هذه التدخلات على توفير فرص عمل قصيرة الأجل بالإضافة إلى آثار المشروع طويلة الأجل. فبالإضافة إلى الحفاظ على الأراضي الزراعية، أدت أعمال إعادة تأهيل قنوات الري أيضاً إلى خلق فرص عمل مؤقتة للمجتمع المحلي.
اثناء الإنشاء استفادت 465 أسرة من فرص العمل التي وفرها المشروع، مما أتاح لهم كسب الأجور مع بناء أصول زراعية مستدامة.
بشكل عام، كان لهذه التدخلات تأثير إيجابي على المجتمع الأوسع الذي يضم حوالي 4,500 أسرة زراعية في المنطقة مع تحسين الوصول إلى موارد المياه.
التعاون من أجل تعظيم الفائدة
يعد مشروع إعادة تأهيل القناة أحد المشاريع العديدة المترابطة جغرافياً والتي تركز على تحسين الأمن الغذائي والانتعاش الاقتصادي - وهو نهج جديد يقوده البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع الشركاء المحليين، الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة، لمضاعفة الأثر الإيجابي على مستوى المجتمعات.
بتمويل ودعم من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي، يتم تنفيذ مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن (FSRRP) من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، وبرنامج الأغذية العالمي. ويعمل الجزء الخاص ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تحسين البنية التحتية للإنتاج الزراعي وتعزيز القدرة على التكيّف مع تغيّرات المناخ بالشراكة مع الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة.