إعادة تأهيل نوعية في إصلاحية المنصورة في عدن: إحياء الأمل خلف القضبان
20 فبراير 2024
تنتشر أصوت ارتطام أجسام الحديد ببعضها البعض في أرجاء الإصلاحية بينما يقوم علي*، وهو أحد نزلاء إصلاحية المنصورة المركزية في عدن، بتركيب نافذة من الألمنيوم بعناية. يُعد هذا الشيئ مثالًا على التغييرات الملحوظة التي حدثت نحو بناء قدرات النزلاء داخل أسوار السجن، حيث يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وحكومة هولندا معاً على تعزيز العدالة التصالحية في عدن من خلال مشروع تعزيز الوصول الشامل إلى العدالة في اليمن (PIAJY)، التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
كان علي، الذي يقضي حُكماً بالسجن لمدة ثلاث سنوات، قد استسلم لحياة الكسل واليأس داخل زنزانته. حيث يعترف قائلاً: "كنت أعاني من اكتئاب كامل". "كانت حالتي النفسية غير مستقرة." مع ذلك، عند تنفيذ برامج التدريب المهني التي يدعمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حصل علي، إلى جانب مئات النزلاء الآخرين، على فرصة للتسجيل في دورات في مجالات الكهرباء، الكمبيوتر وإصلاحه، الخياطة، تكييف الهواء، صناعة البخور، وغيرها الكثير.
تمكين النزلاء وإعادة بناء حياتهم
يرسم وهيب العسيلي، مدير التدريب والإصلاح بالإصلاحية، صورة حية للأثر الذي تركته برامج التدريب، حيث يقول: "أستفاد حوالي 500 نزيل من الدورات التدريبة في عام 2020، وشارك أكثر من 230 في التدريب المهني في أواخر عام 2022 ". ويضيف: "لقد شهدنا العديد من قصص النجاح للنزلاء الذين تمكنوا من الحصول على فرص عمل بعد انتهاء مدة عقوبتهم".
بالإضافة إلى دعم التدريب المهني، قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتجهيز ورش للتدريب، واحدة مخصصة لأعمال الحديد والأخرى خاصة بأعمال الألمنيوم، مما يتيح للنزلاء صقل مهاراتهم وصنع قطع رائعة لبيعها. علاوة على ذلك، تم توفير معدات إضافية لتكييف الهواء والتبريد، مما يوسع نطاق فرص كسب الرزق المحتملة والمتاحة للنزلاء.
يوضح وهيب: "تسمح هذه الورش للنزلاء بالحصول على دخل لدعم أسرهم أو لدفع أتعاب محاميهم". ويضيف: "توفر إدارة السجن رواتب شهرية لأولئك الذين يعملون في الورش".
أكثر من مجرد بناءٍ للمهارات
يقول وهيب: "يساعد هذا التدريب على ضمان أن يكون النزلاء نشيطين بدلاً من الجلوس بين أربعة جدران".
كما يؤيد نقيب اليهري، مدير إصلاحية المنصورة المركزية، هذا الرأي، قائلاً: "قدم هذا المشروع دعمًا نفسيًا وجسديًا ومهنيًا وتقنيًا للنزلاء".
تتعدد قصص نجاح المشروع. حيث افتتح أحد خريجي دورة كهرباء السيارات ورشته الخاصة بعد الإفراج عنه، فيما بدأت امرأتان تعلمتا الخياطة أعمالهما التجارية الخاصة بهما بآلات مقدمة من خلال مشروع تعزيز الوصول الشامل للعدالة في اليمن (PIAJY).
إلى جانب التدريب المهني، أقام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وإدارة السجن شراكة متعددة الأوجه تركزت على التحسين الشامل، حيث قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ببناء خزان للمياه ومحطة معالجة تنتج 2,500 لتر في الساعة، مما يضمن مياه نظيفة ومتاحة لجميع النزلاء. بالإضافة إلى ذلك، يمكّن برنامج النقد مقابل العمل النزلاء من المساهمة في صيانة السجن مع كسب الدخل.
اعترافاً بالحاجة إلى الوصول إلى السوق خارج أسوار السجن، تم إنشاء متجرين بالقرب منه. يعرض أحد المتاجر خبرة النزلاء في إصلاح مكيفات الهواء والثلاجات، بينما يبيع الآخر المياه المعبأة الزائدة عن الحاجة والتي يتم إنتاجها باستخدام محطة المعالجة. وهذا لا يزود المحتجزين والسجن بالدخل فحسب، بل يعمل أيضاً كجسر للتواصل مع المجتمع.
ويشير وهيب إلى أن "هذه المحلات التجارية تتيح للناس رؤية الخدمات وطلبها".
ولمنع الاستغلال في العمل وإعطاء الأولوية لفائدة المحتجزين في الأنشطة التي قام بها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، خصوصاً أنشطة النقد مقابل العمل، تم تنفيذ تدابير وقائية شاملة في السجن. تشرف لجنة مخصصة على العملية برمتها، وتجري دراسات استقصائية لجمع تعليقات المحتجزين حول تفضيلاتهم في صرف الأجور ومراقبة أنشطة عملهم عن كثب. وتضمن اللجنة أيضاً تزويد المحتجزين بمعدات آمنة ومناسبة للتخفيف من المخاطر المحتملة. الهدف من ذلك هو حماية حقوق المحتجزين وكرامتهم مع تعزيز بيئة عمل آمنة وعادلة.
تساعد هذه المبادرة المحتجزين على سداد ديونهم، وتحمل تكاليف التمثيل القانوني لهم، ودعم أسرهم - مما يوفر الكرامة للنزلاء أثناء احتجازهم، ويمنحهم الفرصة عند إطلاق سراحهم.
التطلع قُدماً
يُعرب كل من وهيب ونقيب عن أملهما في استمرار التعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. يقول وهيب: "نطمح إلى الدعم المستقبلي... بما في ذلك توفير معدات مصنع للطوب وورشة نجارة".
يعد التدريب المهني الذي يتم إجراؤه داخل إصلاحية المنصورة المركزية بمثابة تذكير قوي بأن الأمل والفرص ستزدهر، حتى في البيئات الأكثر تحديًا. إنها شهادة على مدى قدرة التغيير الناتج عن إعادة التأهيل وأهمية الاعتراف بحاجتنا الأساسية إلى الكرامة الإنسانية. في هذا السياق، يقول نقيب مختتماً: "خلف القضبان يوجد إنسان".
***
يهدف مشروع تعزيز الوصول الشامل إلى العدالة في اليمن (PIAJY)، التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى تعزيز قدرة المؤسسات والمجتمعات على الصمود. ويهدف إلى تعزيز مبادرات سلامة وأمن المجتمع، وتسهيل الوصول إلى العدالة، وتعزيز سيادة مؤسسات القانون الشاملة للجنسين، وتعزيز مشاركة المرأة وقيادتها في تقديم خدمات العدالة الشاملة.
ملاحظة:
* تم تغيير الاسم لحماية هوية النزيل.